أجلس أمام شاشه الكمبيوتر أقلب فى بعض المواقع
اتابع احداث ما وأحاول تحميل برنامج جديد على الجهاز
تمر أمى بجانبى ... بتعملى ايه ؟
زى العادة يا ماما
علمينى
لأضحك بصوت عال جدا أعلمك ايه ؟
علمينى على الكمبيوتر دة وأزاى أشغل نت
لتزداد أصوات ضحكاتى أرتفاعا عاوزة تقعدى على النت يا امه ؟
لا مش أقعد نت يعنى بس افهم فيه شويه وأتعلم
لأجيبها بغباء منقطع النظيرمش هتفهمى فيه يا ماما
دى شغلانه معقدة ودماغك مش هتستوعبها
تبتسم أبتسامه فى غايه الطيبه وتقولى طيب ... وترحل
وأفكر انا فى ما قلته لها ...لقد قولت لأمى الأن
أن عقلها لن يستوعب شئ كعمل الكمبيوتر وتشغيل الانترنت
فــ لما لم تقل هى لى زمان أنى صغيرة وعقلى لن يستوعب التعليم
لم كانت تقضى الساعات فى محاوله تعليمى شئ
ثم فى شراء الجرائد والمجلات والقصص المصورة لى أثناء عودتها من عملها
ذلك العمل الذى كانت تقضى فيه الساعات ثم تعود بما تبقى كى تكمله بالمنزل
وتسهر لساعات طويله للغايه لأكماله
وتقف كى تعد لنا الغذاء وتطعمنا ... وتنظفنا , تعتنى بنا بشدة
ثم تصرخ حين عودتنا من اللعب لتعيد الكرّة من البدايه
لم تتذمر او تشخط فى وانا أجلس بجانبها وهى تشاهد المسلسل الاجنبى
على القناة الثانيه كل مساء حين أصّر على ان تفهمنى ما يقولون
وأن تقرأ لى بعض الجمل المترجمه فيما بعد حين كنت اعجز عن قرائتها
أو الالحاح عليها كى تفهمنى موقف ما لم أتفهم معناة
أذكرها حين كنت أعود من المدرسه ومن المعهد بعدها وانا غاضبه أو حانقه
تجلس بجانبى لتعرف ما بى
مفيش يا ماما
مالك طيب
يوووووة مليش عاوزة منى ايه .... سيبينى فــ حالى طيب دلوقتى
وحين أقول لها دى حاجه انت مش هتفهميها أو مش هتعرفيها
وكأن امى هى فقط أمى لا تعرف شئ غير انها امى التى لا تعرف شئ
أوقات كنت أخرج لبعض مشاوير فــ أمر عليها فى عملها
لــ أفاجأ بأمى وهى تعمل
ليست هى أطلاقاً تلك المرأة التى ترعانا وتقوم بتربيتنا
رئيسه قسم الاحوال الشخصيه والنيابه الحسبيه بوزراة العدل
والتى تقوم بتوزيع التركات والمواريث حين يكون الاطفال قصّر
وتعين عليهم اوصياء من زويهم
وقد تصل تلك التركات فى بعض الاحوال الى ملايين
لكن أمى وهى المرأة التى تعمل وتربى مع أبى 4 من الابناء
لم تمد يدها يوماً الى قرش ... لم تقبل يوما هديه
من أى مما تقوم على خدمتهم بالعمل ... غنيا كان أو فقير
لم تقبل حتى هديه فى وقت كانت الاحوال غير الاحوال والظروف غير الظروف
لم تدخل علينا البيت تحمل شئ لم تدفع ثمنه
علمتنا أننا أفضل من أخرين حولنا ... فهم توافر لهم الكثير و تمتعو به
لكنا أتيحت لنا الفرصه كى نكون أفضل ونحن رفضنا ان نمد يدنا
أبتسم حين أرى أمى تدير كل هذا العمل ....
وانا أقول لها فى البيت مش هتعرفى او دى حاجه متفهميش فيها
أمى التى علمتنا أن لا نطلب شئ ولا ننظر الى شئ لا نمتلكه
والتى جهدت فى عملها وجهدت فى تربيتنا
والتى وقفت الى جوار أبى ... فما من شئ قام به ألا يدها بيده
والى الان حين اقول لها وقد قاربت على الخروج الى المعاش
مش كفايه بقى يا ماما شغل لحد كدة ... انت عملتى اللى عليكى
صحتك مبقتش تستحمل كل دة ...
واحنا الحمد لله وكل واحد فينا يقدر يتحمل مسؤليته
لتقول لى مبتسمه لسه فاضل شويه فى الشغل وشويه فى الصحه
وعشان لو أى حد منكم احتاج حاجه وجه طلبها منى مقولش مفيش
انا امكم وهفضل دايما عاوزة أديكو عاوزة دايما اقول خدو
والله يا امى وبالرغم من أى شئ
فـــ أنت قدمت لنا شئ أكبر مما قدمه أى شخص رأته عينى
وحتى الان أشعر انى أوفر حظا وأكثر سعاده ألاف ألاف المرات
لأن أمامى الفرصه أن أقبل يدك واقول لك
كل سنه وانت طيبه يا امى
.